في خطوة تعكس تحسن المؤشرات الاقتصادية وتباطؤ التضخم، أعلن البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة الرئيسية بنسبة 1% (100 نقطة أساس)، لتصل إلى 24% للإيداع و25% للإقراض.
أثار القرار تساؤلات الشارع المصري حول أثره المباشر على الأسعار، وقدرة المواطن على ملاحظة تحسّن فعلي في الوضع المعيشي، في ظل موجات الغلاء المتلاحقة التي شهدتها الأسواق خلال العامين الماضيين.
ما سبب خفض سعر الفائدة؟
يعود قرار خفض أسعار الفائدة إلى مجموعة من العوامل المحلية والعالمية، بحسب ما أوضحته لجنة السياسة النقدية، منها:
عالميًا:
- تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي نتيجة اضطرابات سلاسل التوريد والتوترات في السياسات التجارية.
- تراجع أسعار النفط والسلع الزراعية الأساسية.
- اتباع البنوك المركزية العالمية لنهج حذر في السياسات النقدية.
محليًا:
- تعافي تدريجي للنشاط الاقتصادي، مع نمو متوقع في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5% في الربع الأول من 2025.
- انخفاض واضح في معدلات التضخم، حيث بلغ التضخم العام 13.9% والأساسي 10.4% في أبريل 2025.
- تحسن توقعات التضخم على المدى القصير، مع تراجع الضغوط التضخمية من جانب الطلب.
ما أهداف البنك المركزي من هذا القرار؟
يسعى البنك المركزي إلى تحقيق توازن دقيق بين عدة أهداف:
- مواصلة دعم تعافي الاقتصاد المحلي دون توليد ضغوط تضخمية جديدة.
- التحوط من المخاطر العالمية والإقليمية مثل التوترات الجيوسياسية والسياسات الحمائية.
- دعم المسار النزولي للتضخم، ليصل إلى المستهدف البالغ 7% (±2%) بحلول الربع الرابع من 2026.
- مواصلة دورة التيسير النقدي بحذر، بعد أن بدأت بالفعل في الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.
ما تأثير القرار على المواطن؟
1. القروض: خفض الفائدة يُفترض أن يؤدي إلى تقليل تكلفة الاقتراض، ما قد يُشجع الأفراد والشركات على التمويل والاستثمار، لكن البنوك قد لا تُسارع بتطبيق ذلك مباشرة.
2. المدخرات: أصحاب الشهادات والودائع سيلاحظون تراجعًا نسبيًا في العائدات، خاصة مع انتهاء آجال الشهادات ذات العائد المرتفع.
3. الأسعار: رغم الانخفاض في التضخم، لا يزال تأثير خفض الفائدة على أسعار السلع محدودًا في الأجل القصير بسبب:
- استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج.
- ارتباط بعض الأسعار بعوامل غير نقدية مثل الضرائب والأسعار المحددة إداريًا.
4. سوق العمل: إذا شجّع القرار الشركات على التوسع، قد نرى فرص عمل جديدة، لكن التأثير لن يكون مباشرًا وسريعًا.
هل يعني القرار انفراجة قريبة؟
الإجابة ليست بسيطة، يعد القرار خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تهدئة السياسات النقدية وتحفيز الاقتصاد، لكنه ليس حلًا سحريًا للأزمات المعيشية.
يتطلب انخفاض الأسعار:
- زيادات فعلية في الإنتاج.
- تحسن في سعر صرف الجنيه.
- انضباط أكبر في الأسواق وضبط للتكاليف.
وقد لخصت إحدى المواطنات هذا الأمل الشعبي بقولها: ممكن البنات تشتغل والأسعار تنزل، في تعبير عن التطلع لتحسن مزدوج في فرص العمل وتكلفة المعيشة.
يُعد قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة بمقدار 1% إشارة إلى دخول مرحلة أكثر مرونة في السياسة النقدية، استنادًا إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية وتراجع التضخم.
لكنه في الوقت ذاته، يحتاج إلى حزمة أوسع من السياسات المالية والرقابية لتتحقق آثاره بشكل ملموس على حياة المواطنين.
وبينما يترقب السوق نتائج هذه الخطوة، تظل آمال المواطن مرتبطة بتحسّن الأسعار وفرص العمل، لا بمجرد أرقام تصدر عن الاجتماعات الرسمية.