مراجعة حاسمة من صندوق النقد.. إصلاحات مؤجلة وآمال معلّقة

تبدأ بعثة صندوق النقد الدولي خلال أيام المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر،  ضمن برنامج تمويلي يمتد لـ 46 شهرًا ينتهي في أكتوبر 2026.

ياتي ذلك وسط ظروف اقتصادية دقيقة وتحديات اجتماعية متفاقمة.

وتُعدّ هذه المراجعة محطة حاسمة في مسار البرنامج الذي شهد خلال مراحله السابقة تقلبات واسعة بين الإفراج عن شرائح تمويلية وتعثرات أدت إلى تأخير الدعم وفرض إجراءات تقشفية صارمة.

1.2 مليار دولار أبريل الماضي

وكان الصندوق قد وافق في أبريل الماضي على صرف الشريحة الرابعة من القرض بقيمة 1.2 مليار دولار، بعد الانتهاء من المراجعة الرابعة للبرنامج. ويُنتظر أن تفتح نتائج المراجعة الخامسة الباب أمام صرف شريحة جديدة من التمويل، وسط ترقب شديد من الحكومة والأسواق المالية.

ويُعدّ هذا التقييم الجديد محطة مفصلية في مسار الإصلاح، في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية متراكمة، أبرزها التضخم، وعجز الموازنة، وضغوط معيشية متزايدة.

برنامج متعثر ومطالب قاسية

في مارس 2024، رفعت مصر قيمة القرض من «3 إلى 8 مليارات دولار» لمواجهة أزمة اقتصادية تفاقمت منذ مطلع 2022، أثّرت على سعر صرف الجنيه، ومستوى التضخم، والقوة الشرائية.

ويركز البرنامج حاليًا على ثلاثة أهداف رئيسية:رفع معدلات النمو، توسيع مشاركة القطاع الخاص، السيطرة على التضخم.

لكنّ هذه الأهداف تصطدم بواقع اقتصادي صعب يتمثل في تباطؤ الاستثمارات، وتراجع الطلب المحلي، وضعف الإنتاجية.

مخاطر تأخر التمويل

يحذر مراقبون من أن تعثّر تنفيذ بعض الإصلاحات قد يؤدي إلى تأخر صرف الشريحة الخامسة، ما قد يفاقم أزمة السيولة الدولارية ويؤثر على الاحتياطي النقدي.

في مارس الماضي، سجل معدل التضخم أول ارتفاع له منذ 6 أشهر ليصل إلى «13.6%»، متأثرًا بزيادة أسعار الوقود والنقل. كما شهد مايو 2024 رفع سعر رغيف الخبز المدعّم بنسبة «300%»، وهو ما فجّر حالة من الغضب الشعبي.

دروس من مراجعات سابقة

مرّت المراجعات الأربع السابقة بمحطات حرجة، منها:

الأولى: تأخر صرف الشريحة بسبب تباطؤ في ملفات مكافحة الفساد وتوسيع القاعدة الضريبية.

الثانية: هبوط حاد في قيمة الجنيه وهروب استثمارات أجنبية.

الثالثة: أزمة طاقة وارتفاع فواتير الكهرباء دون إصلاحات هيكلية كافية.

الرابعة: رغم صرف الشريحة، لم يتحقق تقدم ملحوظ في ملف الخصخصة، مع تآكل الاحتياطي الأجنبي بسبب تراجع السياحة والتحويلات.

تصريحات برلمانية عن الشريحة المقبلة

قال الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن قيمة الشريحة الخامسة تبلغ «1.2 مليار دولار»، مشيرًا إلى أن مصر حصلت حتى الآن على «4 شرائح» بقيمة إجمالية 3.3 مليار دولار.

وأوضح أن بعثة الصندوق تركز على عدة ملفات رئيسية، أبرزها:تسريع برنامج الطروحات الحكومية، زيادة الإيرادات الضريبية عبر توسيع القاعدة وميكنة المنظومة، تحسين بيئة الاستثمار دون فرض ضرائب جديدة.

تأجيل زيادة أسعار الوقود

أكد الفقي أن الحكومة تتجه لتأجيل رفع أسعار المنتجات البترولية، والذي كان مقررًا في يوليو المقبل، في ضوء تراجع أسعار النفط عالميًا، على أن يُعاد النظر فيها نهاية العام أو مطلع 2026.

التزام حكومي بالمراجعات المقبلة

أكد الفقي أن الدولة ملتزمة باستكمال باقي المراجعات الأربع قبل أكتوبر 2026، مشددًا على أن تنفيذ الإصلاحات يعزز ثقة الأسواق ويدعم النمو والاستقرار الاقتصادي.

تحسن في مؤشرات الاستثمار

بحسب بيانات حكومية، شهد الربع الأول من العام الحالي ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى «2.7 مليار دولار»، وسط مؤشرات على تحسن مناخ الأعمال وزيادة موارد النقد الأجنبي.

توقعات المراجعة الخامسة

تشير تقديرات خبراء الاقتصاد إلى إمكانية صرف الشريحة الخامسة خلال أسابيع، خاصة بعد التقدم في ملفات تحرير سعر الصرف وجذب الاستثمارات وخفض عجز الموازنة.

لكن من المتوقع أن يربط صندوق النقد صرف الشريحة الجديدة بتحقيق خطوات ملموسة في برنامج الطروحات وتوسيع القاعدة الضريبية. ويرجح مراقبون أن تُرفق بعثة الصندوق مراجعتها بإشارات تحذيرية بشأن التباطؤ المحتمل في الإصلاحات، مع التأكيد على أهمية تجنب أي إجراءات قد تُفاقم الأعباء الاجتماعية على المواطنين.

الرابط المختصر
آخر الأخبار