ذاكرة السمك

عام آخر يمضي وعاما جديداً على الأبواب، وأرجو من الله أن يكون الأفضل على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، كما ادعوه عز وجل أن يديم على مصرنا الغالية نعمة الأمن والأمان والاستقرار.

بالفعل كان عاما صعباً ..وهل هناك أصعب من الوباء؟ لكن الله كان دائما معنا وأسبغ علينا ستره وكرمه بأن تكون مصر من بين الدول القليلة علي مستوي العالم التي تمكنت من تحقيق نسب نمو على الرغم من كل التحديات الضخمة.

وبما أن وسائل التواصل الاجتماعي الآن أصبحت تشعرك بأن الجميع يرى بعضه البعض وكأننا نجلس في ميدان كبير، فتجد كثرت المنشورات التي تتحدث عن صعوبة ما فات وكثرة المشكلات والأزمات التي تعرضنا لها هذا العام دون غيره من الأعوام مع تصاعد الدعوات بأن يكون القادم أفضل تيمنًا بتكرار الأرقام، كما كنا نتفائل في عامنا السابق بتوالي نفس الأرقام و في قبل السابق بتكرار ذاتها.

 ولأننا جميعاً نتمتع بذاكرة السمك، فأصبحنا لن نجد سوي منشورات في ذات الوقت من كل عام لتعيد ذكرياتنا مجدداً ونجد أنفسنا نبكي علي كل عاما مضى دون النظر إلى الايجابي وكل سعيداً حدث .

فطبيعة النفس البشرية دائماً ما تطغى عليها ذاكرة السيء دون الأفضل … تتحدث عن الخسارة دون المكسب..وتروي لنا الأزمات متجاهلة الفرص .

اعترف بأننا جميعنا ينتابه ذات الشعور في ذات الوقت من كل عام إلى ان أخذت خطوة للوراء لأتذكر ما حدث على مدار هذا العام لأجد نفسي مررت بالكثير من الأحداث التي أحاطني الله فيها بستره ورعايته، فعندما امسكت بمفكرة أهدافي التي اصنعها مع بداية كل عام ارسم فيها أحلامي، وجدت نفسي حققت أكثرها، فلماذا إذا اتجاهل ما حققته وأبكي على ما فات؟ أليس من لبى دعائي في تلك الأحلام التي تحققت قادراً على تحقيق ما تبقى منها ما دمت أعمل بكل ما أوتيت من قوة وما دمت فعلت كل ما استطيع؟، فلماذا يأتي علينا جميعا وقت ننسى فيه أن التوفيق من عند الله سبحانه؟ فطمئن يا من فعلت دورك وتركت الباقي لتدبير الله ومشيئته.

إن الحياة ليست بهذه المثالية التي نتمناها جميعاً، لكنها ليست بهذا الوجع أيضاً الذي نشعر به مع نهاية كل عام، ولكن دعوني أذكركم وأذكر نفسي بالحقيقة التي غالباً ما يتناساها بعضنا..

لقد مررنا بأسوأ الظروف على مدار آخر عامان وسط انتشار الوباء تلاها أزمات اقتصادية متلاحقة أعقبها تحورات جديدة، فتحولت الصدمة الى أزمة نتعايش معها، لكن اسمحوا لي أن ابشركم فقد أصبحت اقوى الآن ..

كونك صمدت لما حدث واجتازته واستطعت تحقيق جزء كبير من أحلامك وسط هذه الظروف وتلك التحديات الصعاب… كونك نجحت نجاحا حقيقياً لم تدعي بطولات وهمية لنيل احترام الناس فأنت بطل حياتك ومصدر طاقة لكثيرون من حولك ..

فإذا كان علينا ما نفعله مع نهاية كل عام، فهو الامتنان للخالق سبحانه وشكره على توفيقه لنا في كل خطوة تمت وسط ما نمر به من تحديات وعلى حسن التصرف في كل وقت ودعوته بالتوفيق في كل ما هو قادم وأن يديم علينا ستره وتوفيقه، ولا تنسوا أن العمل والسعي واجب علينا إما التوفيق وحسن التوقيت والإختيار فمن عنده سبحانه، فلا تدرون ماذا أخفى الله عنكم توفيقه فيما تبقى من أحلامكم وفيما دعوتموه كثيرا، فلو علمتم الغيب لاخترتم الواقع.

 فقط ادعوا الله بما تريدون واطلبوا منه ان يختار لكم الصالح وان يرضيكم به حتى لا تجعلوا ذاكرة عقولكم كذاكرة السمك.

آخر الأخبار