د. محمد القاضي يكتب: الأمل أقوى من الخوف

مراكب الهجرة غير الشرعية

 

قد يكون الأمل بالنسبة لشخص هو عزيمة الاستيقاظ في الصباح، وللآخر الملهم لوضع خطة لتحسين أوضاعه او قد يكون المحفز لاندفاعه نحو اتخاذ خطوات بعيدة وصعبة نحو هدف قد يشكل الأمل الوحيد في البقاء متجاهلا المخاطر التي تقترب من حد الانتحار.

اعتدنا بعد كل حادث غرق لمركب من مراكب الهجرة غير الشرعية ان نشير بأصابع الاتهام لهؤلاء الشباب المحبط الفاقد للأمل في إيجاد حياة كريمة في وطنه، ونسأل كيف يدفعون كل هذا المال لخوض تجربة تقترب من الانتحار، لماذا لم يحاولوا العمل في وطنهم؟ بدون أن نعرف هل حاولوا فعلا ام لا؟. فلنجرب شيئا جديداً هذه المرة، ونتوجه ببعض الاسئلة اولا الي الوطن، هل سمع مطالب هؤلاء الشباب؟ هل وفر لهم مستوي تعليم يرفع من قدراتهم على المنافسة في الأسواق الحالية؟ هل وفر لهم وسيلة مواصلات آمنه؟ هل وفر لهم سكن او أعطاهم امل في الحصول على سكن يناسب دخلهم؟ هل وفر لهم فرص مناسبة للعمل؟ أن اغلب الشباب يبحث عن فرصه للعمل والتحقق وليس المساعدات المادية.

إن التركيبة السكانية لمصر التي يغلب عليها الشباب في سن العمل والإنتاج تشكل طاقة إنتاجية وإبداعية إذا أحسن استغلالها قد تساهم في إحداث طفرة حضارية علي المستوي المحلي والاقليمي.

إن تفجير القدرات الإبداعية للشباب في ريادة الأعمال والبرمجة والذكاء الاصطناعي وأساليب الصناعة والزراعة الحديثة هو مسئولية الدولة قبل ان تكون مسئولية أفراد، فالدولة عليها تهيئة الظروف المناسبة للشباب والقطاع الخاص لاقتحام جميع مجالات الانتاج والخدمات والتكنولوجيا بدلاً من منافستهم او فرض لوائح وقوانين تكبل من يحاول أن يلحق بالمستقبل.

من المهم أن تفكر الدولة في محاولات الهجرة المتكررة الي أوروبا كدافع لها للاستماع الي الشباب وإدراك رغباته في تحقيق احتياجاته الأساسية وحقوقه الإنسانية البسيطة مثل الحق في السكن المناسب والتعليم والعلاج والحماية الاجتماعية والحق في العمل، وان تصبح هذه الحقوق هي المشروعات القومية التي توفر الدولة خيرة عقولها لتحقيقها.

إن مشروع التعليم ليس بناء مدارس وتأمين الامتحانات، كذلك مشروع الصحة ليس بناء مستشفيات، وتطوير المرور يختلف عن مشروعات توسيع الطرق، وحق السكن ليس بناء وحدات سكن اجتماعي.

الدولة قد عملت على تطوير شبكات البنية الأساسية ودفع وتطوير التحول الرقمي والشمول المالي وشبكات الضمان الاجتماعي مما يهيئ الظروف لإعادة صياغة منظومات السكن والصحة والتعليم والزراعة والصناعة لتوفر أنظمة مستدامة ومحترفة لتوفير هذه الحقوق والخدمات وادماج القوة العاملة من مطورين عقاريين ومهندسين ورجال اعمال وأطباء ومدرسين وعلماء في الطاقة والزراعة والصناعة، مما يشكل ثنائية تبادل المنفعة فرص العمل- الخدمات والحقوق.

قد يكون الأمل الذي يبحث عنه الشباب أن يلتفت لهم الوطن ويعطي لهم بصيص من الأمل في مستقبل يفتح لهم أبواب الحياة والأمل ذلك الشعور الإنساني الذي يتولد عند ربط الحاضر الذي يعيشه الإنسان بالمستقبل الذي يتمناه. علينا ان نعمل لتصبح مصر أرض الفرص، وأرض المستقبل… مصر أرض الامل.

آخر الأخبار