سعيد الأطروش يكتب :ماذا بعد مبادرة السيد الرئيس بإعفاء المصانع ضريبيًا ؟

فقدان الإحساس بالمشاكل التي تحيط بالصناعة يمثل صدمة حقيقية تعكس حالة الانفصام بين الجهات المكلفة بتهيئة البيئة والمناخ الجيد لزيادة وتعظيم عدد المصانع في مصر وبين الواقع الصعب جداً الذي تعيشه الصناعة وبين ما يصدره أنصاف الخبراء والإعلاميين من أن( كله تمام ) فالواقع يقول أن بين الجانبين مسافة بعيدة جدا ما استدعي كالعادة اصدار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهاته ببعض المبادرات آخرها إعفاء الصناعة من الضرائب ما عدا القيمة المضافة وحدد السيد الرئيس نوعية الصناعات التي تستفيد من هذا الاعفاء وبإجراءات يشرف عليها رئيس الوزراء وبطبيعة الحال وزير التجارة والصناعة.

وبناء عليه فنحن نقدر ونثمن مبادرة سيادة الرئيس فقد بلغه بلا شك ما تمر به الصناعة وان ما وجه به خطوة مهمة في توقيت مهم للغاية وإن كنت أتمني ان يكون الاعفاء كاملا وبدون قيود والتنفيذ فوري .

مخاوف من تباطؤ الأجهزة الحكومية في التنفيذ

بصراحة كم كنت أتمني ان تكتمل هذه المبادرة بهذا الشكل الذي تحتاجه الصناعة وضمانا لنجاح المبادرة الرئاسية التي اخشي من طريقة والية تنفيذها والبطء المعهود من الأجهزة الحكومية في مثل هذه المناسبات بينما تتحرك هذه الأجهزة بسرعة الصاروخ عندما يتعلق الامر بفرض أعباء أوما شابه.

صورة اجتماع السيد الرئيس مع دولة رئيس الوزراء ووزير الصناعة ذكرتني بزمن الإعفاءات الضريبية علي المصانع في المدن الجديدة وذكرتني أيضا بالقرار التاريخي بتخفيض الضريبة وغيرها من المحفزات التي كانت من نتائجها ارتفاع تاريخي في الحصيلة الضريبية للدولة وظهور كيانات اقتصادية بدأت في هذا المناخ وأصبحت اليوم من كبري العلامات التجارية ليس في مصر بل في الشرق الأوسط وكان الكل كسبان سواء الدولة او القطاع الخاص وأيضا المواطن .

وبعيدا عن ما تمنيته فنحن لا نمتلك الرؤية الكاملة لما يجب ان تتم به مثل هذه الأمور وبعيدا عن العبارات الرنانة بأن الصناعة قاطرة النمو وهي كذلك بالفعل وبعيدا عن الأرقام التي تكشف عن أهمية هذا القطاع المهم علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي فكل ما اخشاه أن تتعطل مثل هذه الخطوات المطلوبة بين دهاليز البيروقراطية الحكومية التي تمثل التهديد الأول لأي محاولات لإنقاذ الصناعة التي تعاني خلال السنوات الماضية ضغوطا واضحة لا تخفي علي أي متابع للوضع الاقتصادي

توفير العملة الصعبة آكبر العقبات

وانا علي يقين تام أنه من الانصاف أن نقول لأي صاحب مصنع في الوقت الراهن (الله يكون في عونك) في ظل ما تواجهه الصناعة من ضربات قاسية خاصة منذ العام الماضي الذي كان عاما صعبا علي الصناعة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية والضغط علي سلاسل الامداد العالمية في وقت كان الاقتصاد في بداية التعافي من آثار ازمة كورونا وما واجهته الشركات الصناعية من نقص في مدخلات التصنيع وتفاقم تلك الأزمة بسبب ضوابط الاستيراد التي أدت إلى تراكم الواردات في الموانئ.

صحيح ان الدولة حاولت مواجهة هذه الضغوط بالمزيد من تشجيع توطين الصناعات وإطلاق استراتيجية إحلال الواردات، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد ولكن ظلت الشوكة الكبيرة في حلق الجميع أزمة توفير العملة الصعبة لتلبية احتياجات المصانع من الخامات ومستلزمات الإنتاج وبالتالي ارتفعت الأسعار بشكل مثل ضغوطا رهيبة علي المنتجين وعلي المستهلك في نفس الوقت

تجارب دولية في جذب الاستثمار الصناعي

أقول للدكتور محمد معيط وزير المالية وكل وزراء المجموعة الاقتصادية انه بالنظر الي تجارب العديد من الدول التي نفذت خطط واضحة لتخفيف الأعباء عن كاهل الصناعة حققت عوائد اقتصادية أكبر بكثير من المكاسب التي تفرضها علي المنتجين ولنا في سنغافورة والامارات وهونج كونج وماليزيا المثل فيما تقدمه من إعفاءات ضريبية للشركات الصناعية والتي جعلت من هذه الدولة في صدارة الدول الجاذبة للاستثمار

اجمالا يجب أن يعلم كل مسئول في الوزارات والهيئات المختلفة وفي مجلس النواب وفي الاعلام بأن الصناعة تكافح وأن كل تأخير في مساندة الصناعة بشكل حقيقي يتسبب في خسائر ضخمة وأن توجه السيد الرئيس لمساعدة الصناعة الوطنية فرصة لفرض واقع جديد لدي الجميع بأن كل خطوة وكل تيسير علي مجتمع الاعمال هو الطريق لتجاوز ما نواجه من تحديات .

آخر الأخبار