دكتور فوزي عبد الرحمن الزعبلاوي يكتب: حرب الإبادة الجماعية

يتساءل المواطن العربي البسيط منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر الماضي، متى سنصبح أصحاب قرار؟ متى سيكون لنا قرار قوي نافذ يحترمه الآخرون؟

 

لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي (حتى اللحظة) يمارس الإبادة الجماعية في أبشع صورها ضد الفلسطينيين المدنيين في غزة والضفة الغربية ومناطق أخرى، دون ردة فعل للمجتمع الدولي تجاه ما يحدث، وفي غيبة تامة للمنظمات الدولية القانونية والحقوقية، في مشهد واضح لازدواجية المعايير والكيل بمكيالين فيما يجري من أحداث على الساحتين الدولية والإقليمية.

التغيير الوحيد في هذه المأساة هو تغير الرأي العام الدولي، الذي كان ينظر إلى اليهود على أنهم ضحايا العمليات الإرهابية التي تشنها ضدهم كتائب القسام بين فترة وأخرى، وأنهم دائمًا في وضعية المدافع المضطر لاستخدام القوة للدفاع عن نفسه، إلا أنه وبعد أحداث طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، ومتابعة الرأي العام الدولي للمجازر والإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينين، تغيَّرت اتجاهاتهم وقناعاتهم أنهم أمام قوة غاشمة ومستعمر كاذب ومُخادع لا يعرف الرحمة ولا يفرق بين مدنيين وعسكريين وبين كبير وصغير وبين ساحة حرب ومبانٍ مأهولة بالسكان ومستشفيات تعج بالجرحى والمرضى ومساجد وكنائس تُتلى فيها صلوات الله.

 

وإيمانًا بالقضية وانعكاسًا لنبض الشارع العربي انتفضت الدول العربية أمام ما يحدث لأشقائهم والأحداث الجسام التي تُدمَي لها القلوب، وجاءت القمة العربية الإسلامية الطارئة الخامسة عشرة، التي عُقدت في الرياض يوم السبت الموافق الحادى عشر من نوفمبر الجاري لإعلان التضامن العربي الإسلامي مع فلسطين لمواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم، ومطالبته بالهدنة ووقف إطلاق النار من أجل تمرير الغذاء والدواء لأهل فلسطين، مطالب بسيطة ولا تتناسب مع هول الأحداث وجسامة الجُرم، ولا تتفق مع رأي الشارع العربي، لكنها مطالب عادلة.

أما الموقف الدولي، فحدٍّث ولا حرج، يفزعك هذا الصمت المُخزي للمجتمع الدولي بمؤسساته القانونية والحقوقية، والكيل بمكيالين وازدواجية المعايير في تقييم الأحداث الإقليمية والدولية الأخرى، عدم تجريم مثل هذه الأعمال الوحشية البربرية وهذا العدوان الغاشم مستخدمًا كل أنواع الأسلحة المُحرَّمة دوليًا، نتج عنه آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والشباب وعشرات الآلاف من الجرحى، وتدمير البنية التحتية وهدم المساكن والمستشفيات، وزد عليها التهجير القسري للمواطنين جنوبًا، في صمت وخزي دوليين تام وبرعاية أمريكية أوروبية مع تقديم كافة أشكال الدعم العسكري والمخابراتي لجيش الاحتلال.

والخلاصة أن إسرائيل ستواصل مسيرتها الدموية في تنفيذ مخططها الصهيوني بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في غياب تام للمنظمات الدولية، حتى تقضي على قيادات حماس –على حد زعمها- وتحرير أسراها وفرض سيطرتها الأمنية على المدينة، وتهجير أهل الشمال إلى الجنوب بعد أن فشل مخطط تهجيرهم إلى سيناء، ورفض مقترح إدارتها دوليًا، ولن يستطيع العرب ولا الأصدقاء الصينيون والروس أن يفرضوا رأيًا أو يغيروا شيئًا في مجريات ما يحدث من مجازر وإبادة للشعب الفلسطيني حتى تنتهي إسرائيل من تحقيق أهدافها، إلا إذا اتحدت الفصائل الفلسطينية وتناست أطماعها الشخصية الضيقة تحت قيادة واحدة ولواء واحد حفاظًا على الأرض والعِرض وأرواح المواطنين الأبرياء، وأن يمتلك العرب رؤية واحدة مشتركة تضمن حماية وسلامة أراضيها ومواطنيها ومصالحها.

آخر الأخبار