الدكتور محمد منتصر يكتب: حوار حول أزمة الدولار

تخيلت حوارًا دار بيني وبين نفسي عن النقطة الوحيدة التى لا يتكلم عنها احد رغم أنها الأساس في أزمة الدولار في مصر .

دار الحوار عن الحقيقة الوحيدة اللي العالم كله عارفها و معلنة و لا يمكن انكارها أو وجود عدة تفسيرات و وجهات نظر حولها و بالتالي مش هيعرفوا يكذبوها أو ينكروها.

س: كيف تخرج مصر من أزمة الدولار الحالية؟
ج: تخرج مصر من أزمة الدولار عندما تقوم امريكا بتخفيض الفائدة على الدولار
من 5.5% الي 1 % كما كانت قبل بداية أزمة التضخم.
س: يا سلام يعني هو ده سبب الازمة؟
ج: ايوة و اي كلام تاني هو كلام ثانوي و هامشى و تاثيره لا يتجاوز 20% من أسباب الازمة.

ازاى يعني ؟
– مع بداية ازمة كورونا الفائدة علي الدولار في أمريكا كانت 1%.
– الفائدة علي الجنيه في مصر في بداية أزمة كورونا كانت 8% بعد ما قام المركزي بتخفيض الفائدة 3% دفعة واحدة لو تفتكروا.
– مع بداية كورونا لم تكن هناك أي مشكلة في العملة أو الاعتمادات أو الاستيراد أو شح الدولار بهذا الشكل الكبير.

كانت مصر تطلب اي تمويل بالدولار تحصل عليه في نفس اليوم و بسعر متميز كمان.

س: ايه سبب اننا لما نطلب دولارات كانت تيجي بسهولة ؟
ج: لان الفائدة علي الجنيه المصرى كانت 8أضعاف الفائدة على الدولار و الاقتصاد كان مستقر و ماشى كويس و التصنيف الائتماني لمصر كان جيد. يعني اللي يغير دولار و يشتري جنيه و يحطه في البنك يكسب 10 أضعاف اللي يكسبه لو فضلت فلوسه بالدولار لان لم يكن وارد ان الجنيه ينخفض 10% خلال سنة واحدة أمام الدولار .

س: و ايه اللي حصل ؟
ج: موجة التضخم الرهيبة اللي حصلت عندما انتهت أزمة كورونا و كلنا فاكرين انه لم يكن هناك إنتاج تقريبا في العالم و فجأة كل العالم بيفتح بعد الاغلاق و بيطلب سلع بل و كل السلع و طبعا الإنتاج كان بطئ فأصبح هناك مزاد لشراء السلع لأعلى سعر و ده اسمه تضخم سريع و كبير و هائل و غير مسبوق و الأسعار تفضل تزيد كل يوم في العالم.

بعدها كان لازم البنوك في العالم تواجه التضخم و تسحب الفلوس ( السيولة من ايد الناس و من الأسواق ) عن طريق رفع الفائدة في البنوك علشان بدل ما الناس تستثمر و تفتح مصانع و مطاعم و محلات و تزود الطلب في السوق تروح تحط الفلوس في البنك و تصرف من الفائدة فيخف الضغط علي السلع و المعدات و البترول و بالتالي ينزل التضخم بالتدريج.
و لذلك قامت امريكا برفع الفائدة علي الدولار من 1% بالتدريج حتي وصلت 5.5%.

س: مصر مالها بالقصة دي؟
ج: مصر علشان كان يفضل الجنيه زي ما هو كانت لازم ترفع الفائدة بنفس المعدل و في نفس التوقيت و كلنا كنا بنتابع الاخبار و نشوف ان في نفس اليوم اللي امريكا ترفع الفائدة كانت كل البنوك المركزية تقريبا في العالم ترفع الفائدة و بنفس النسبة .

س: يعني مصر كان المفروض تعمل ايه؟
ج: يعني امريكا ضاعت الفائدة خمس أضعاف و مصر علشان كانت تواجه هذا الرفع كانت لازم تخلي الفائدة 5 أضعاف ما كنت عليه علي الاقل يعني تبقي الفائدة علي الجنيه الان 50%.

مصر رفعت الفائدة حتى الآن بالعافية إلى حوالي 25% يعني عملت نصف المطلوب.
س: ليه ما رفعناش إلى 50%
ج: لان ده كان هيبقي خراب مستعجل و يرفع حجم الدين الداخلي بشكل هائل لا يتحمله الاقتصاد المصري و يبقي ببساطة كده حافظنا علي سعر الدولار و دمرنا الاقتصاد تماما و لسنوات كثيرة قادمة و هناك تداعيات كثيرة جدا لا مجال لسردها الان.

س:و الحل؟ و الحلول اللي الخبراء كل يوم يقولوها و يقترحوها؟

ج: كله هيفضل يهبد كده زي ما انت شايف و يحسب و يألف و يفتي و يفسر في سياسات و إصلاح يمين و إصلاح شمال و تفنيد أخطأ و شتيمة و اتهامات و قلة أدب ممزوجة بتصفية حسابات و مكايدات و انتهازية و استغلال لمعاناة الناس و الشعب المصري بالكامل من أصغر فرد إلى أكبر فرد و برضه لن يتكلم و لن يذكر كيف يتعامل الجنيه مع الدولار في ظل وجود فائدة 5.5%.
الين الياباني فى أسوأ حالاته أمام الدولار من 30 سنة.

كل عملات العالم انخفضت أمام الدولار و بشكل كبير و سريع الا عملات دول الخليج و بعض الاقتصادات الكبري و التي انخفضت عملتها بنسبة صغيرة أمام الدولار.

لا حلول داخلية لهذه الازمة لأنها ليست أزمة داخلية و اسبابها ليست داخلية.

لو اسباب الازمة بسبب الداخل فيكون الحل من الداخل بازالة اسباب حدوث الازمة من الداخل و لكن اما عندما تكون اسباب الازمة من الخارج و بسبب احداث أو إجراءات من الخارج فلا يمكن أن يكون الحل الا من الخارج بإزالة اسباب حدوث الازمة أو تغيير نمط حياة الدولة و الشعب بما يتوافق من تداعيات الازمة حتي تزول هذه الإجراءات و تعود الحياة الاقتصادية العالمية لطبيعتها أو تستقبل الدولة مساعدات ضخمة و سريعة تستخدم كمسكنات حتى عبور الازمة و أيضا حتى يتم التراجع عن هذه الإجراءات الاقتصادبة الاستثنائية العالمية.

اللي يقولك اصل السبب بقي مشاريع و طرق و عاصمة و الكلام ده يا ريت ما تردش عليه و تضيع وقتك لان هذا الكلام يدل عن اما جهل اقتصادي أو عن توجه سياسي او ايدولوجي لا يحتمل حوار موضوعي و لو بيفهم يبقي هو قاصد ان يغفل هذه الحقيقة الأساسية في الازمة و عمودها الفقري.

المعادلة بسيطة
فائدة علي عملة محلية غلبانة 10% مقابل فائدة على عملاق العملات و هو الدولار 1%
كيف تواجه هذه العملة الغلبانة فائدة علي هذا العملاق عندما يضاعف الفائدة 5اضعاف؟
اما تضاعف الفائدة علي عملتك ٥ أضعاف أو تضاعف حجم اقتصادك 5 أضعاف في نفس الفترة الزمنية .

اتحدي ان واحد منصف و صادق و يتقى ربنا في بلده و أهلها يطلع يتكلم عن معادلة سعر الفائدة دى و يتكلم بامانة بعيدًا عن تحقيق أهداف سياسية و شعبوية.

نائب رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال المصريين

آخر الأخبار