الدكتور فوزي عبدالرحمن الزعبلاوي يكتب: التعويم و الرقابة على الأسواق

لا حديث عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو بين المواطنين وبعضهم البعض في أماكن العمل والشارع والمواصلات العامة، إلا عن ضعف أداء الحكومة وسط كثير من علامات الاستفهام حول التعامل مع العديد من الملفات وفي مقدمتها عدم السيطرة على الارتفاع المضطرد لسعر صرف الدولار الأمريكى أمام الانخفاض المستمر فى قيمة الجنيه، وعجز الحكومة عن توفير الدولار اللازم لاستيراد كثير من السلع والمواد الخام.

 وتعاني مصر فى توفير العملات الأجنبية منذ أكثر من عامين مع وجود فجوة كبيرة بين سعر العملات الأجنبية فى البنوك والسوق الموازية والتى قد تصل أحيانًا إلى الضعف.

ولا يخفى على أحد اشتراط صندوق النقد الدولى تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية حتى يصل إلى قيمته الحقيقية.

ورغم عدم الإعلان عن ما تم من مباحثات ومناقشات بين الحكومة وبعثة صندوق النقد التى تمت أوائل الشهر الجارى، إلاَّ أن المؤشرات تؤكد وجود تقدم كبير فى المباحثات بين الطرفين حول برنامج مصر للإصلاح الاقتصادى خلال هذه الفترة والذى يمكن أن يؤدى إلى زيادة قيمة القرض من 3 إلى 6 مليارات دولار، وسط الحديث عن  حدوث تعويم مرتقب للجنيه المصري.

وبادر الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى اتخاذ حزمة من القرارات من أجل توفير الحماية الاجتماعية وتخفيف أعباء المعيشة عن المواطنين وخاصة محدودى الدخل، كان من أهمها رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريًا، وزيادة أجور العاملين فى الدولة والهيئات الاقتصادية بحد أدنى يتراوح بين ألف جنيه إلى ألف ومائتين جنيه شهريًا حسب الدرجة الوظيفية للموظف، بالإضافة إلى تطبيق حافز إضافى يبدأ من 500 جنيه للدرجة السادسة، ويزيد بقيمة 50 جنيهًا لكل درجة ليصل إلى 900 جنيه اعتبارًا من الأول من الشهر المقبل، كما وجه الرئيس الحكومة برفع حد الإعفاء الضريبى لجميع العاملين بالدولة بالحكومة والقطاعين العام والخاص بنسبة 33%، من 45 ألف إلى 60 ألف، هذا بالإضافة إلى زيادة معاشات 13 مليون مواطن بزيادة قدرها 15% بتكلفة 74 مليار جنيه، وزيادة معاشات “تكافل وكرامة” بتكلفة 5.5 مليار جنيه.

السؤال هل هذه الزيادات ستكون ملائمة في حالة تطبيق التعويم المرتقب؟!! في ظل عدم وجود أى نوع من الرقابة على الأسواق والتصدي لجشع التجار الذي طال الجميع، فالكل يكتوي بنار غلاء الأسعار وظروف المعيشة الصعبة على محدودى ومتوسطي الدخل.

لا شك أن القيادة السياسية على علم وإطلاع بمعاناة المواطنين وهو ما لا تنكره وسائل الإعلام وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، عبر رسائل جادة ومؤسفة أحيانًا، ورسائل ساخرة “الكوميكس” أحيانًا أخرى، وهو ما دفع الرئيس إلى السعى نحو رفع المعاناة عن كاهل المواطنين قدر الإمكان، هذا بالإضافة إلى المبادرات الرئاسية التي مازالت مستمرة حتى اليوم من أجل توفير بيئة استثمارية جاذبة للاستثمارات الداخلية والخارجية، وتوفير فرص عمل للشباب في مختلف القطاعات، وتوفير سكن لائق ومناسب لجميع المستويات الاقتصادية وخاصة السكن الاجتماعى، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة ومتابعة الحالة الصحية لذوي الأمراض السارية والمزمنة والقضاء على قوائم الانتظار فى المستشفيات، وتقديم الدعم المادى للعمالة غير المنتظمة وتوفير التأمين الصحي والاجتماعي لهم، وتوفير حياة كريمة للفئات الأَّولَى بالرعاية في المناطق الريفية والشعبية.

كل ذلك لم يمنع القيادة السياسية من المضي قُدمًا والاستمرار في تنفيذ المشروعات القومية وتحسين البنية التحتية في مختلف ربوع الوطن.

ويتبقى على تجار الجملة والتجزئة والموزعين الالتزام بالدور الوطني والأخلاقي والمسؤول أمام الله، مراعاةً لمعاناة أهاليهم من قسوة الحياة وتدهور الظروف المعيشية لكثير منهم، تحت وطأة موجات غلاء الأسعار التي لا تتوقف، بسبب بيع السلع والمنتجات بأسعار أضعاف قيمتها الحقيقية أحيانًا أو احتكارها وافتعال أزمات لإجبار الناس على شرائها بأى ثمن أحيانًا أخرى.

نحن في أزمة حقيقية تستدعى التحرك فورًا والتكاتف قيادةً حكومة وقطاع خاص ومجتمع أهلي ومواطنين، والبحث عن حلول غير تقليدية خارج الصندوق، من أجل العبور من هذا النفق المظلم، ونحسبه قريبًا إن شاء الله.

آخر الأخبار