دكتور رءوف رشدي يكتب : صومان – وطن وأحد 

في بلاد العز والجمال، عاش المصريون من مسلمين وأقباط جنبًا إلى جنب، في روح تفاعلية تنبض بالتلاحم والتقارب. لم تقتصر تلك العلاقة الفريدة على امتناع الأقباط عن تناول الطعام أو الشراب في أماكن عامة خلال شهر رمضان، بل تجاوزت حدود الاحترام إلى مشاركتهم الفعّالة في عادات المسلمين خلال هذا الشهر الكريم.

 

تجسدت هذه الروح الإنسانية المتبادلة في مشاركة الأقباط في لحظات الفرح والطقوس المميزة لشهر رمضان، من خلال استمتاعهم بأطعمة الحلويات التقليدية مثل الكنافة والقطايف، ومشاركتهم في وجبات الإفطار على موائد جيرانهم المسلمين. ولم تكتف العلاقة بالمأكولات والمشروبات، بل امتدت لتشمل متابعة المسلسلات الرمضانية التي تعتبر جزءًا أساسيًا من تقاليد الشهر الفضيل.

 

عبر العصور، شهدت تلك العادات التواصلية والاحترام المتبادل تطورات وتغيرات، تبعاً للظروف السياسية والاجتماعية المتغيرة. خلال عهد المماليك البحرية، وتحديداً في عهد الناصر محمد بن قلاوون، تجلى التلاحم الاجتماعي في مصر بقوة، حيث شهدت تلك الفترة رخاءً وازدهارًا، واستجابة فورية وحازمة لأي اضطرابات تهدد السلم الاجتماعي.

ترسخت روابط الوحدة

ومنذ ثورة 1919، ترسخت روابط الوحدة والتضامن بين المصريين، حيث شهد شهر رمضان استقبالًا حارًا ومشاركة فعّالة من الأقباط، الذين توجهوا إلى المساجد لتهنئة إخوانهم المسلمين بحلول الشهر الفضيل، وبادروا بتوزيع الهدايا والتبرعات على الفقراء والمحتاجين.

روح التعاون

في هذا السياق، تستمر الكنائس في تنظيم فعالياتها وأنشطتها خلال شهر رمضان، من خلال إقامة موائد الإفطار للمحتاجين والعابرين سبيلًا، والمشاركة الفعّالة في أعمال الخير وتقديم المساعدة للمحتاجين، مما يعكس روح التعاون والتضامن بين أبناء الوطن الواحد، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين.

الروابط الاجتماعية

فهكذا، تظل الذكريات الجميلة تشعرنا بعمق الروابط الاجتماعية والإنسانية التي تجمع بين المصريين، سواء في شهر رمضان المبارك أو خارجه، حيث تبقى تلك العلاقات المتينة شاهدة على تاريخ مصر وثقافتها التي تتغنى بالتنوع والتعايش السلمي.

آخر الأخبار