الدكتورة أميرة سلامة تكتب: المشروعات الصغيرة.. إعفاءات مطلوبة لتحقيق العدالة الضريبية المنشودة

لا شك في أن قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر رقم 152 لعام 2020 من أهم القوانين التي نعول عليها لإنصاف الشركات الناشئة وتشجيع رواد الأعمال على تنفيذ مشروعاتهم.
ولكن على أرض الواقع، يواجه أصحاب هذه النوعية من المشروعات العديد من المشاكل التي تحبط أي محاولة جادة لنمو قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكذلك المشروعات متناهية الصغر.
يهدف قانون المشروعات الصغيرة إلى دعم وتشجيع الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ويساهم في توفير بيئة أكثر ملاءمة للشركات الناشئة، من خلال توفير التسهيلات والإعفاءات الضريبية، وتبسيط إجراءات التأسيس والتراخيص، وتوفير التمويل والدعم الفني.
ويساعد القانون والمبادرات الرئاسية في تحسين فرص نجاح الشركات الناشئة وتعزيز نموها وهنا يأتي دور جهاز تنمية المشروعات باعتباره الجهة المسئولة والداعمة لهذا القطاع والذي نعول عليه بصورة كبيرة في المساندة الفعالة لأصحاب المشروعات الصغيرة ومن المؤكد أن تفعيل دور جهاز تنمية المشروعات الصغيرة في إطار القانون الحالي سيكون نقلة نوعية في مساهمة هذا القطاع بصورة مؤثرة وإيجابية في الاقتصاد والمجتمع.
يقدم قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالفعل مجموعة من الحوافز والمزايا لدعم وانطلاق هذه المشروعات ليصبح لها دورًا أساسيًا فى دفع عمليات التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل للشباب وتشجيعهم على إقامة المزيد من المشروعات وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من أن القانون الجديد جاء بكثير من المزايا والمحفزات التي أشاد بها الكثير من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وعمل على مد جسور الثقة بين أصحاب المشروعات والمنظومة الضريبية والأهم أنه سيكون خطوة جادة لضم القطاع غير الرسمي للمنظومة الرسمية إلا أن المشرع قد تناسى وضع حل مناسب لمشكلة كثيرًا ما تناولناها وتمثل عائقًا كبيرًا أمام هذه المشروعات الناشئة وهي ضريبة القيمة المضافة التي لم يلتفت لها القانون وعلى الرغم من أن القيادة السياسية دائمًا ما تؤكد على أهميه تشجيع المشروعات المتوسطه والصغيرة ومتناهية الصغر لما تمثله من نسبة كبيرة في النشاط الاقتصادي، ولاعتبارها الأمل لتطوير وتشجيع الإنتاج المحلي والحل الجدي لمشكلة البطالة إلا أن مصلحة الضرائب تتمسك بصورة كبيرة للنظر للأمور بعين حجم الحصيلة الضريبة الآنية فقط دون النظر للمستقبل.
وعلى الرغم من إقرارنا بأن تأدية الضريبة حق أصيل لوزارة المالية ونقدر تمامًا ما تقوم به من إجراءات وخطوات جادة للتحول الرقمي تحقيقًا للعدالة الضريبية التي تعد مطلبًا أساسيًا لمجتمع الأعمال إلا أننا نطالب في الوقت نفسه بمنح فرصة أكبر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بتقديم حوافز ضريبية وإجرائية تساعد في تحقق هدف المشرع من إصدار قانون المشروعات الصغيرة خاصةً أنه وبحسبة بسيطة فإن تنازل الدولة عن بعض من الحصيلة الوقتية سيتم تعويضها بشكل مضاعف وفي الوقت نفسه تراعي هذه الإعفاءات الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.

هذه المشكلة كانت قد تناولتها لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمجلس النواب في عام 2020 وتم التوافق على إضافة مادة جديدة لتنمية هذا القطاع وتنص على الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة تشجيعًا للشباب على بدء مشروعاتهم ولتنمية المشروعات القائمة ودفع عملية تطوير المنتج المحلي ورغم اعتراض وزارة المالية وقتها إلا أن هذا الاقتراح لم ير النور ولا أدري لماذا لا ننظر إلى المسألة نظرة مستقبلية أكبر وأشمل.. وأعتقد أنه إذا قمنا بتطبيق هذا الاقتراح ولو بصورة تدريجية سيكون حافزًا مهمًا يحقق مكاسب لأصحاب المشروعات وللدولة بصفة عامة.

فمثلًا المشروع الحديث والذي عرفه القانون بأنه المشروع الذي لم يمض على تأسيسه أو تسجيله أكثر من عامين يتم منحه إعفاء من ضريبة القيمة المضافة مثل ما تم إقراره على السلع والخدمات التي تقع في نطاق المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة ثم من سنتين إلى خمس سنوات تفرض الضريبة بقيمة 5% ومن خمس إلى سبع سنوات ترفع الضريبة إلى 10% وهو ما يمكن مشروعات ريادة الأعمال، والتي عرفها القانون بأنها المشروعات التي لم يمض على إنشاؤها أو مزاولة نشاطها سبع سنوات لتتمكن من  النمو والمنافسة وتطور من إنتاجها ومن الممكن أن ترفع الضريبة إلى 14% عند الوصول لحجم أعمال يقوم بتحديده القانون وسنجد أن هذا سوف يزيد من الحصيلة الضريبية لأنه سوف يشجع هذا القطاع الكبير والفعال في السعي إلى الانضمام تحت مظلة الاقتصاد الرسمي ومن ثم زيادة المنافسة والإنتاج وتطوير المنتج المحلي وهو ما ينادي به الرئيس عبد الفتاح السيسي بصورة دائمة وتسعى له مؤسسات الدولة كحل واقعي وموضوعي وعادل للخروج من الأزمات الاقتصادية.

آخر الأخبار