الدكتور رءوف رشدى يكتب: لماذا نشتري حاملات الطائرات

أعادت الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر إلى ذهني مقالا كتبته عام 2018 أوضح فيه صحة القرار المصري بشراء حاملات طائرات واليوم تتكرر الأحداث ولذلك أعيد نشر المقال لعلنا ندرك أن الأمن القومي لا يقدر بثمن.

تعجب الكثيرون من القرار المصري بأولوية امتلاك وتشغيل حاملتي طائرات واعتبر كثير من المحللين أنه يتعارض في توقيته مع أولويات الإصلاح الاقتصادي !

قرار سعودي

البارحة صدر قرار سعودي بتعليق شحنات الخام عبر باب المندب جراء تعرض ناقلتين تابعتين لشركة البحري السعودية لهجوم من قبل ميليشيات الحوثي

ويعد مضيق باب المندب إلى جانب مضيق هرمز وقناة السويس، من أهم الممرات المائية للنفط الخام ومنتجات بتروكيماوية أخرى

النفط الخام

و المعروف أن السعودية لا تصدر كميات كبيرة من نفطها الخام عبر باب المندب.كما تملك خيارًا آخر يتمثل في خط الأنابيب الضخم الذي يربط شرق المملكة بغربها، وذلك لنقل النفط من الحقول السعودية على الخليج العربي إلى مدينة ينبع في البحر الأحمر، مما يغنيها عن المرور بمضيق باب المندب ويضمن وصول الخام السعودي إلى الأسواق الأوروبية.
وخط الأنابيب شرق – غرب السعودية قادر على نقل نحو 5 ملايين برميل من النفط السعودي الخام يوميًا.

صادرات نفطية

ولعل هذا الخيار هو ما خفف من ردة فعل أسواق النفط اليوم عقب الإعلان السعودي عن تعليق مؤقت صادرات نفطية في وقت تشهد السوق العالمية شحاً في المعروض نتيجة تقلص الإمدادات من عدد من المنتجين الرئيسيين، إلى جانب توقعات تأثير عودة العقوبات الأمريكية على إيران على حجم المعروض العالمي.

وهناك حالة واحدة قد تربك السوق العالمي وهي الإغلاق الكامل للحركة في مضيق باب المندب أو انضمام عدد من الدول المصدرة الأخرى إلى السعودية.

رأس الرجاء الصالح 

والإغلاق الكامل لباب المندب، الذي لا يتجاوز عرضه في أضيق نقطة 29 كيلومتراً، سيجبر ناقلات النفط القادمة من السعودية والكويت والعراق والإمارات على الالتفاف حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية أو ما يعرف برأس الرجاء الصالح، مما سيرفع المدة الزمنية اللازمة لعبور إمدادات النفط ويضاعف التكلفة، وبالتالي يصعد بأسعار النفط في الأسواق العالمية.
ويسمح الممر المائي بمرور صادرات النفط الخليجية والإيرانية إلى السوق الأوروبية، إما عبر قناة السويس وإما خط أنابيب «سوميد» الذي يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عبر مصر.

الطاقة الأمريكية

وبحسب آخر تقديرات لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية العائدة لعام 2016 تدفق 4.8 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات البترولية عبر مضيق باب المندب، نحو 2.8 مليون منها اتجه شمالاً نحو أوروبا، فيما أبحر المليونان الآخران من أوروبا إلى الشرق الأوسط وآسيا.
ويعد المضيق طريقاً هاماً لوصول مشتقات النفط الأوروبية إلى الأسواق العالمية.
لكن بالمقارنة، يعد مضيق هرمز أكثر أهمية نظراً حجم التدفقات التي تمر منها، وهي تقدر بنحو 18.5 مليون برميل يومياً بحسب أرقام عام 2016.

صادرات نفط إيران 


يذكر أن الحرس الثوري الإيراني هدد مراراً بوقف الشحنات عبر «هرمز» رداً على العقوبات الأمريكية، التي ستحد بشكل كبير من صادرات نفط إيران.
ما يهمنا هنا هو أن التوترات السياسية في مضيق هرمز تساهم في انتعاش حركة الملاحة سواء النفط أو السلع في قناة السويس شريطة السيطرة على نشاط الحوثيين اما التوتر على كلا المضيقين سوف ينعش خط الأنابيب المصري سوميد.

المنظومة العسكرية

مما سبق يتضح عمق الرؤية الاستباقية الصحيحة للعسكرية المصرية في امتلاك حاملات طائرات مؤخرا حيث أن أمن قناة السويس قد يبدأ من مضيق باب المندب كما يؤكد اولوية اكتمال المنظومة العسكرية لحماية خطوط الأنابيب جوياً حتي ولو علي حساب ميزان المدفوعات المصري لأنه في حالة نشوب حرب سنية شيعية (طبقا التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز) سيكون المنفذ المصري سواء قناة السويس أو خط الأنابيب هو الضمان الوحيد لاستمرار ضخ نفط الدول المتحاربة لاوربا وشرق اسيا.

آخر الأخبار