هيثم الهواري يكتب: متطلبات الاستقرار الاقتصادي والنمو العادل والمستدام

يعد استقرار الاقتصاد شرطًا أساسيًا لتحقيق التنمية والنمو، وهناك متطلبات نتمني توافرها في إدارة الاقتصاد حتى لا نتفاجأ بنتائج عكس ما نرجو تحقيقه.

ولا شك أن التطورات الأخيرة في العالم كله وفي محيطنا الإقليمي شكلت ضغوطًا إضافية على الاقتصاد المحلي وأدت إلى ما نواجهه اليوم من تحديات صعبة كان من نتائجها ما يعانيه المجتمع من التضخم وزيادة الأسعار والتي أصبحت حديث كل بيت في مصر.

من هنا ظهرت الحاجة الملحة إلى التغيير في أسلوب إدارة الاقتصاد وحتمية تطوير سياسات الاقتصاد الكلي بحيث تكون السياسات المالية والنقدية وسياسات السعر والصرف وإدارة حساب رأس المال في ميزان المدفوعات متجانسة مع بعضها البعض مع أهمية تحديد أولويات أهداف النمو الاقتصادي واستقرار سبل العيش وخلق فرص عمل لائقة للشباب.

من هنا أود التأكيد على ضرورة عدم التضحية بهذه الأهداف لحساب السيطرة على التضخم فهناك عدة أساليب اقتصادية يمكن أن تساهم في مكافحة التضخم وتشجيع الاستثمار ومن بين هذه الأساليب:

1-سياسة الفائدةيمكن استخدام سياسة الفائدة للتحكم في التضخم عند رفع سعر الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما يؤدي إلى تقليل الإنفاق والاستثمار، وبالتالي تقليل الطلب والتضخم وعلى الجانب الآخر، عند خفض سعر الفائدة، يصبح الاقتراض أرخص، مما يشجع الإنفاق والاستثمار ويزيد من الطلب والنشاط الاقتصادي.

2-السياسات الماليةيمكن استخدام السياسات المالية للتحكم في التضخم، على سبيل المثال، زيادة الضرائب أو تقليل الإنفاق الحكومي يمكن أن يسهم في تقليل الطلب والتضخم، وعلى الجانب الآخر، خفض الضرائب أو زيادة الإنفاق الحكومي يمكن أن يشجع الاستثمار والنشاط الاقتصادي.

3- سياسات العرض والطلب، يمكن استخدام سياسات العرض والطلب للتحكم في التضخم، على سبيل المثال، زيادة الإنتاج وتوفير المزيد من المنتجات يمكن أن يساهم في تلبية الطلب وتقليل التضخم كما يمكن تشجيع الاستثمار في قطاعات محددة لزيادة العرض وتقليل التضخم.

4- الإصلاحات الهيكليةيمكن أن تسهم الإصلاحات الهيكلية في تحسين إدارة الموارد الاقتصادية وتشجيع الاستثمار المباشر وزيادة الإنتاج وفرص العمل.

كل هذه أساليب اقتصادية معروفة وتم تطبيقها في تجارب دولية نجحت بنسب متفاوتة حسب ظروف كل بلد وأشهرها تجربة البرازيل علي سبيل المثال لا الحصر
وأري أن الأولوية بالنسبة للحالة المصرية هي تحفيز القطاع الخاص وزيادة نسبة مشاركة الرأسمالية الوطنية في الناتج المحلي الإجمالي والذي تراجع خلال السنوات الأخيرة وعلاج هذه المشكلة قضية محورية حلها سيؤدي بلا أدنى شك إلى معدل نمو متوسط ومستدام والذي يتحقق معه خلق فرص عمل جديدة وخفض مستويات الفقر والأهم عمل حائط صد مقاوم للتقلبات والأزمات.

الصناعة والتصنيع الزراعي من وجهة نظري قطبي تحقيق المعادلة الصعبة في السياسات الصناعية التي تؤمن حوافز مدروسة بدقة من أجل تشجيع الاستثمار مما يؤدي إلى تحقيق الحد الأدنى من أهداف السياسة الاقتصادية في أي بلد سواء بلد متقدم أو نامي وهي الحفاظ على مستوى توظيف قوة العمل والحفاظ على مستوى الإنفاق العام والخاص والحد من العجز في ميزان المدفوعات ومكافحة ضغوط التضخم وتخفيض حدة الفقر وحماية مستوى معيشة المواطنين.

لذلك إذا ما أردنا تحقيق الأهداف الأساسية للسياسة الاقتصادية الكلية خاصة استقرار الأسعار ومكافحة الضغوط التضخمية وعلاج العجز في ميزان المدفوعات فالأمل في إعادة الاستقرار الاقتصادي لتحقيق زيادة في مستوى إنتاجية العمل في الاقتصاد وزيادة المعروض من السلع والخدمات وتحسن الصادرات وتشجيع الاستثمار العام والخاص والحفاظ على دور القطاع الخاص كمستثمر رئيسي ومهم لتوفير فرص العمل وتوفير المنتجات المحلية التي تمثل بديلا عن الاستيراد وتمثل فرص أكبر للتصدير وبالتالي الحد من مشكلة العملة مع التأكيد على ضرورة وجود حلول غير تقليدية لعودة القوة لتحويلات العاملين الخارج و للسياحة وتنشيط وتحفيز التصدير وإن شاء الله عودة الملاحة لطبيعتها في البحر الأحمر مما سيكون له آثار إيجابية على زيادة عائدات قناة السويس.

وبالتالي فإن الأزمة الراهنة هي أزمة وقتية ستمر وسيعود الاقتصاد المصري لسابق عهده و إن شاء الله نحقق معدلات نمو مستدامة تؤثر بشكل إيجابي على المجتمع وأيضا يتم توزيعها بشكل عادل بين كافة فئات المجتمع.

آخر الأخبار