سعيد الأطروش يكتب: أزمتنا في الفكر والحلول في انتظار وزير جراح

تجارب دولية كثيرة نجحت في أن تتحول من اقتصاد متخلف إلى اقتصاد متقدم يحقق نموًا حقيقيًا وعادلًا يحصد ثماره كافة طوائف المجتمع وفئاته في الحضر وفي الريف.

ويكفي أن تشير إلى تجربة الصين أو كوريا الجنوبية على سبيل المثال لا الحصر وستجد نموذجًا تم تجربته ونجح بالفعل وحاز على سمعة دولية محترمة وأيضًا هذا النموذج آو غيره من التجارب الناجحة والمعروفة لا يحتاج منا إلى مناظرات فلسفية ولا تعقيدات فكرية ولا مصطلحات مطاطة ضرها أكثر من نفعها طالما عرفنا الطريق ولم نسلكه واكتفينا بالتنظير واستخدام المصطلحات الرنانة من أجل اثبات الوجود لا العمل والإنتاج.

في كل التجارب الدولية استراتيجيات واليات تنفيذ وضعها بشر مثلنا ونفذتها أيادي تماثل أيادينا، ولكن الفارق هو الروح وغرس ثقافة الجميع للفرد والفرد للجميع والجميع للوطن والكل في هذه المعادلة كسبان.

نعم نعيش أزمة اقتصادية طاحنة وكاشفة للكثير من الأخطاء بعضها فرضته الظروف الدولية والإقليمية وكثير منها وقعنا فيه بأخطاء والأخطر بالإنكار والتهاون أحيانًا و(بالتوهان) واختلاط الأدوار والعمل في جزر منعزلة وغلبة حوار الطرشان فلا وزارة تستمع لصوت أهل الخبرة والكفاءة ولا مجتمع أعمال تم استشارته والأخذ برأيه بجدية فيما يخصه وأصبح الشاطر في عرف هذه الفترة من يخطف ويجري والذكي هو (الفهلوي) الذي تسير أموره على ما يرام ومصالحه تدار بطرق مشروعة أو بالفساد لا يهم، فالمهم من وجهة نظره الضيقة أن كله تمام والسلام.

أن ما نحتاجه هو تغيير حقيقي في الفكر وفي الإرادة وفي الإصلاح والذي يبدأ من داخلنا وبنا نحن فهل فاتت الفرصة للإصلاح والتعامل مع ما نواجه من أزمات ؟ بالقطع لا فما زالت مصر رغم كل ما تواجهه من أزمات وعقبات وأثار سلبية تتجسد في مستويات غير مسبوقة من التضخم وإنفلات الأسعار يئن منها كل بيت في مصر إلا أن الفرص ما زالت موجودة وبقوة في التعامل مع هذه المشكلات والبداية دائما من وجهة نظري بالاقتصاد ولكن السؤال هل هناك إرادة حقيقية لعمل تحول من اقتصاد أزمة إلى اقتصاد متقدم ؟ الإجابة بالقطع نعم ولكن كيف ؟ من هنا أقول أننا في أشد الحاجة إلى تغيير الفكر فأزمتنا حلها في الاعتراف بها أولًا ثم تغيير في الفكر ثانيًا وثالثًا علاج جذري وحقيقي للمشكلات الاقتصادية وأهمها التضخم وارتفاع الأسعار والدين الداخلي والخارجي وإدارة موارد النقد الأجنبي وزيادته والنظر في دور القطاع الخاص الأولي بالرعاية والاهتمام قبل اللهث وراء المستثمر الأجنبي ووضع العلاج العادل وإن كنت أتمنى الإنحياز إلى نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وقبل كل ذلك مكافحة الفساد الإداري في الأجهزة الحكومية وقطع يد كل فاسد ومتاجر بقوت الناس من بعض التجار الجشعين والمحتكرين.

ملفات صعبة بالفعل في ظل ضغوط تتعرض لها مصر نعرفها ونقدر التعامل مع هذه الضغوط والمخططات بحكمة لكن في الوقت نفسه لا يعقل ولا يصدق ابدا ان نكون بهذا الضعف الاقتصادي وأن تكون هذه مستويات الأسعار ولا قيمة للجنيه الذي يتهاوي بسرعة غريبة ولا تمت للطبيعة بصلة.

نحتاج من الوزراء وخاصة وزراء لمجموعة الاقتصادية الباقين منهم او المنتظر توليهم المسئولية أن يكون كل منهم (جراح) وطني لديه الشجاعة لمواجهة المشاكل ووضع الحلول للخروج من الازمة التي يتحمل نتائجها كل بيت في مصر.

آخر الأخبار